طهران ترفع مخصصات القوات المسلحة في الموازنة الجديدة 3 أضعاف.. هل تستعد إيران للحرب؟

قال عضو لجنة السياسة الخارجية والأمن القومي في البرلمان الإيراني، أحمد بخشايش أردستاني، إن مضاعفة مخصصات القوات المسلحة 3 مرات في موازنة عام 2025 لا تعني بالضرورة أن "البلاد تستعد للحرب"، لكنها قد تدل على أن "المفاوضات ليست خيارًا مطروحًا".
وفي حديث صحافي، ردّ أحمد بخشايش أردستاني، على سؤال حول ما إذا كانت زيادة مخصصات القوات المسلحة بنسبة 200 في المائة تعني الاستعداد لظروف الحرب، قائلاً: "لا يمكن الجزم بذلك بشكل دقيق، لكن في كل الأحوال، هذه الزيادة الكبيرة تعني أننا لن نتفاوض، ولا نضع التفاوض على جدول أعمالنا".
تأتي هذه التصريحات في وقت تصاعدت فيه لهجة المرشد الإيراني وكبار قادة الحرس الثوري، حيث أكدوا مجددًا حتمية الهجوم على إسرائيل، وفي حال الضرورة، استهداف المصالح الأميركية في المنطقة.
وفي 19 فبراير (شباط)، صرّح أمير علي حاجي زاده، قائد القوات الجوفضائية في الحرس الثوري، بشكل مباشر عن نية تنفيذ "الوعد الصادق 3"، قائلًا: "إذا هوجمت المنشآت النووية الإيرانية، فإن المنطقة ستشتعل بنيران لا يمكن حساب مداها".
جاءت هذه التصريحات بعد أن هدّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن إسرائيل "ستشن هجومًا عسكريًا على إيران إذا لم تتخلَّ عن برنامجها النووي".
جدير بالذكر أنه حتى مسؤولو حكومة مسعود بزشكيان، الذين كانوا في السابق من دعاة التفاوض، تراجعوا عن موقفهم بعد أن رفض المرشد الإيراني علي خامنئي علنًا أي مفاوضات بشأن البرنامج النووي.
وقال خامنئي في خطاب عام: "اليوم، لا نشعر بأي قلق أو مشكلة فيما يتعلق بالتهديد الصلب أو الحرب المباشرة". ويُستخدم مصطلح "التهديد الصلب" في الخطاب الرسمي الإيراني كمرادف لكلمة "الحرب".
تمويل الحرب من صادرات النفط
تخطط الحكومة الإيرانية في مشروع موازنة 2025، لتصدير 1.75 مليون برميل من النفط يوميًا، مع تخصيص 420 ألف برميل منها للقوات المسلحة. وهذا يعني أن 24 في المائة من صادرات النفط اليومية ستذهب مباشرة إلى الجيش.
ومن حيث القيمة، يُقدَّر النفط المخصّص للقوات المسلحة في عام 2025 بنحو 11 مليار يورو، مقارنة بـ 4 مليارات يورو في ميزانية عام 2024، ما يعني أن بزشكيان رفع موازنة الجيش إلى 3 أضعاف تقريبًا.
ووفقًا للمادة (أ) من البند 3 في الموازنة، تبلغ حصة الحكومة 509 تريليونات تومان، بينما تبلغ حصة القوات المسلحة 561 تريليون تومان، أي أكثر من الحكومة مجتمعة بـ52 تريليون تومان.
خفض الإنفاق على السلع الأساسية
وقال حاجي زاده، قائد القوات الجوفضائية في الحرس الثوري: "الوضع الحربي لا يعني فقط الضرب، بل الاستعداد لتلقي الضربات أيضًا". وأضاف: "في الواقع، لم يكن القصف سيئًا بالنسبة لنا، لأنه جعل المسؤولين أكثر انتباهًا، وحصلنا على المزيد من الأموال والإمكانات".
وتشير التقديرات إلى أن تكلفة عمليتي "الوعد الصادق 1 و2" بلغت ما لا يقل عن 138 تريليون تومان، أي ما يعادل 1.6 مليون تومان لكل مواطن إيراني، تم إنفاقها على الطائرات المسيّرة والصواريخ.
وفي الوقت نفسه، وفقًا لوزير العمل أحمد ميدري، يحتاج 60 مليون إيراني– أي 70 في المائة من السكان– إلى قسائم غذائية ودعم حكومي لتأمين الحد الأدنى من احتياجاتهم الأساسية.
لكن الحكومة تعاني من نقص التمويل اللازم لهذه القسائم، ما دفع خامنئي إلى السماح لها بالسحب من صندوق التنمية الوطني.
وبينما ارتفعت موازنة القوات المسلحة، فقد شهدت مخصصات استيراد السلع الأساسية انخفاضًا كبيرًا، حيث تم تخفيضها من 16 مليار يورو في 2024 إلى 12 مليار يورو في 2025، أي بانخفاض 33 في المائة.
وهذا التخفيض سيمسّ الإمدادات الأساسية مثل الأدوية، والمستلزمات الطبية، وحليب الأطفال، والأعلاف الحيوانية، ما سينعكس بشكل مباشر على معيشة الفئات الفقيرة.
وعلى الرغم من أن موازنة 2025 لم تدخل حيز التنفيذ بعد، فقد بدأت آثارها في الظهور، حيث ارتفعت أسعار أكثر من 400 دواء مشمول بالتأمين الاجتماعي.